حين تراه لأول وهلة تجد ملامحه قد ارتسمت عليها البراءة والصدق.. رغم أن بداخله مجهولا لا تدركه.. ولا تعلم فيم يفكر.. صاحب القصر المهجور.. ذو الجاه والنفوذ ورغم ذلك تجده ضعيفا أمام الحب يثور لكرامته وكبريائه. وفجأة يبكي لفراق حبيبته وملهمته.. يعشقها ويكرس حياته من أجلها ويبدد كل مستحيل ليراها درة تتلألأ في سمائه ولكنه لا يعرف معني التضحية.. فالحب في نظره أن تبقي معشوقته أمام عينيه.. حبيسة القصر لا ترحل أبدا ولا يراها أحد سواه.. ومع ذلك فهي لا ترغب في البقاء. فهي لا تحبه ولم تشعر إلا بمن هواه قلبها الصغير.. وحين بدأت تعد عدتها للرحيل بعيدا عن صاحب القصر.. تفجر بركان الغضب بداخله ليمنعها من ترك القصر.. هو يشعر بالوحدة في الحياة بعيدا عنها.. حاربت نفوذه وتركته يداوي ألمه وحيدا لأنها لم تعده بالحب ولم تبادله مشاعر الحب لحظة.. وحاولت مرارا وتكرارا أن تجعله يتوقف عن محاولته في التقرب إليها وجذبها إليه بشدة.. رغم محاولاتها في خلق روح الكراهية في ذاته.. إلا أنه لم يعرف القنوط في حياته ومازال يعشقها.. لاحق خطواتها بعد فرارها لينسج خيوطه حولها ملقيا خلفه مبادئه وكرامته.. تاركا سيدة القصر الأولي ينزف قلبها جرحا لخيانته. تجاهل كل مشاعر الإنسانية والحب ثائرا كبركان الغضب لا رادع له.. يحطم كل القيود والأسوار التي شيدتها الحبيبة.. ولأنه شعر بوهن حبيبته ألقي في ذاتها ثورة الخوف والشك مما حولها.. فانتابتها حالة اليأس حتي أنها شعرت بملاحقته لها في أحلامها.
بدأت دموعها تتهاوي من عينيها بتأثير حيرتها التي غالبت كيانها وحطمت أحلامها في التخلص من أسرها والتغلب علي وحدتها التي أوقعتها في براثن صاحب القصر.. وبدا لها أن الموت سبيلها للفرار من تلك الحيرة.. لكن قيوده أصبحت معركة حاسمة هو الغالب فيها.. ولأنها مازالت تبغض حبه لها عزمت أن تأخذ ثأرها منه وشت به لدي حراس القصر ليقضوا علي ثورته.. خمدت نيران الغضب بفؤاده وهدأت ثورة الخوف والشك بذاتها.. ورقدت في ظلال أشجار الياسمين تجفف دموعها.. لكنه في غفلة من رقدتها بدأ يلاحقها بعينيه رافضا صمتها.. لتدرك أنه لم يعرف سبيل اليأس يوما في حياته.. وأن عشقه لها مازال ينبض به قلبه.. غالبتها الحيرة عن هذا الشخص المجهول.. من هو ولماذا اختار قلبها ليحطم أحلامها وآمالها في التخلص من قيوده.. هو لم يستسلم يوما لأحزانه وآلامه.. والكرامة في نظره هي تحقيق آماله في التوصل لقلب معشوقته الأسيرة.. وفرض هيمنته عليها.. لكن أسيرة القصر لم تحتمل تلك القيود القاتلة وأغرقت نفسها في دوامات الأحزان حتي فارقت روحها جسدها الهزيل.. ولأنه مازال يعشق النظر في عينيها حطم جدران قصره ليلحق بها في العالم الآخر.