ليس من المنطق في شيء.. أن يصدر مجلس الوزراء قرارا .. أوعدة قرارات ثم يؤجل ابلاغها للجهات المعنية بالتنفيذ.. وإلا ما كان ثمة داع أصلاً لدراسة الموضوع أو القضية التي صدرت القرارات بشأنها..!
* * *
أقول ذلك بمناسبة ما أعلنه د. مجدي راضي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي بشأن الضوابط.. أو القيود التي تم وضعها بالنسبة لأداء العمرة. مشيراً إلي أنه اعتبارا من يوم الخميس "أي اليوم التالي لاجتماع مجلس الوزراء" سوف يتم منع أي معتمر تجاوز سنه الخامسة والستين.. أو قل عن الخامسة والعشرين من السفر "للأراضي المقدسة"!!
الذي حدث أن جميع من توجهوا إلي مطار القاهرة طوال يومي الخميس والجمعة ولا ينطبق عليهم هذان الشرطان.. قد غادروا البلاد بسلامة الله دون أن يعترض طريقهم أحد..!
لماذا .. لأنه لم تصل إلي هيئات المطار المختلفة أي "تعليمات مكتوبة"..!
من هنا .. فإن ما نخشاه أن يخضع الأمر - شأنه شأن غيره- للوساطة والاستثناءات والاتصالات الشخصية.. بمعني أن تطبق القرارات علي البعض دون البعض الآخر.. وتلك قمة الخطر حيث يزداد -عندئذ- فقدان ثقة الناس في الحكومة أكثر.. وأكثر..!
* * *
علي الجانب المقابل.. لابد أن ندرك أن لدينا في مصر فئات بعينها دائما تضع البدائل. والاحتمالات. والخيارات لمختلف متطلباتها الأساسية وغير الأساسية!!
أعضاء هذه الفئة.. أغلبهم خططوا -كما يخططون كل عام- للسفر لأداء العمرة..!
وعندما علموا أن سفرهم يمكن أن يتعطل لسبب أو لآخر.. بادروا بحجز مقاعد لهم. ولأسرهم علي الطائرات المتجهة إلي العاصمة البريطانية لندن لكي يمضوا بها نفس الفترة التي كانوا ينوون أن يمضوها وهم يؤدون المناسك في كل من مكة المكرمة.. والمدينة المنورة..!!
إذا لم يكن ذلك كذلك.. فأرجو أن أجد ما يبرر لي سبب وجود هذا العدد الضخم من المصريين خلال الآونة الحالية في بريطانيا..!
لقد أصدرت "شركة لندن ويست إند" تقريرا منذ أيام يقول: إن السياح العرب يمثلون النسبة الأكبر بالنسبة لمن يفدون إلي إنجلترا من الأجانب.. حيث يبلغ عددهم 140 ألفا ينفقون 350 مليون جنيه استرليني..!
ربما لا يعد ذلك غريباً.. لكن ما يثير الدهشة والعجب أن ترتيب المصريين في القائمة التي تضمنها تقرير "شركة لندن ويست" يأتي رقم "5" بعد كل من السعوديين. والكويتيين. والإماراتيين. والبحرينيين..!!
* * *
بالله عليكم .. من يكونون هؤلاء بالضبط..؟؟
نعم.. نحن نعترف.. بأن بيننا أناسا يتمتعون بثراء فاحش.. لكن أن تتضخم أعدادهم.. وبدلاً من أن يمضوا فصل الصيف في الإسكندرية أو الساحل الشمالي. أو شرم الشيخ. أو الغردقة. أو رأس البر.. فضلوا أن يذهبوا بعيدا.. بعيدا.. حيث يجدون في مدينة مثل لندن ما تشتهيه أنفسهم؟؟
وإن كان هناك من يقول.. إن منهم من يقضي نصف الأسبوع في لندن.. ونصفه الآخر في مارينا.. أو مراس.. أو هايسندا.. وغيرها.. وغيرها..!!
* * *
بديهي الهوة تتسع.. والفجوة تزداد بين الذين يملكون والذين لا يملكون في هذا الوطن.. فماذا عسانا فاعلين..؟!
هل نصمت..؟!
أي هل نرضي بما تقوله الحكومة من حيث تركيز الجهود علي الطبقات الأكثر ارتياحاً والأوفر حظاً لنتجه بعد ذلك إلي ما هم دونها..؟؟
أم لابد من حث هذه الحكومة علي تغيير المنظومة بأكملها تفاديا لأزمات طاحنة.. أو ضارية -لا قدّر الله-؟؟
أم أن تتولي منظمات المجتمع المدني "المتخصصة" وضع دراسات وأبحاث تساعدنا علي رفع مستوي من هم أقل.. لعل مشاكلهم تخف حدتها.. وتصبح الفرصة سانحة أمامهم لتحسين أحوالهم المعيشية..؟؟
* * *
بصراحة .. لقد أصبح تقليل الفجوة بين الأثرياء والفقراء ضرورة من الضرورات الأساسية في هذا المجتمع.. إذ لم يعد مقبولا.. أن يتسوق مواطن مصري من شارع اكسفورد بلندن.. بحوالي عشرة آلاف جنيه استرليني يوميا "نحو مائة ألف جنيه مصري".
في نفس الوقت.. الذي يعاني فيه مواطن مصري آخر يعيش في محافظة القليوبية من مرض التيفود. أو الالتهاب الكبدي الوبائي. أو الفشل الكلوي.. لأنه مضطر لشرب مياه مخلوطة بالصرف الصحي..!!
.. و.. و.. وشكرا!!!